أعاني من عدّة سنوات من طنين للأذن، حتّى أنّه استمرَّ لفترة تجعله مُزمنًا الى أرذل العمر، كان الطنين يكمنُ لي في لحظات الضغط فيرفع من شدّته، ويزيدُ الطين بلّة، حتّى وكأنه يقول: هاك سببًا إضافيًا يجعلُ حياتك تعيسة.
أجريتُ عدّة فحوص، حتّى فهمتُ من الطبيب أن تعايش مع الأمر، لن يذهب. كنتُ مهووسًا بهذا الأمر لفترة، حتّى أنّي بحثتُ عن أسباب كثيرة في كوكل، منها أسباب لن تجعلني أكتب مقالة كهذي، وأخرى تدّعي أن الشيطان ينفخُ في أذني.
تعلّمتُ طرقًا سخيفة للتعايش مع الأمر، منها ما يفعله أرتشر عندما يرادوه الطنين: موب موب موب! إلى أن وقعت على فصل لدونالد روبترسون في كتابه How to Think Like a Roman Emperor في التعامل مع الألم. بعد فترة من التدرّب على ما وجدته هناك، لم يعد هذا الوحشُ مُخيفًا، أسدلتُ الستار عنه، بعبع كما كان يُطلق عليه سقراط، لا يُخيف إلّا الأطفال.
هذا المقال سينفعك في التغلّب على حالات مُزمنة من الألم الجسدي، وجع في الرأس أو الرقبة، فقرات أو مفاصل، أي شيء مزمن، أو آخر ناتج من الحرِّ والإرهاق. فكّر بأهميّة هذا على المدى الطويل، ما الفرق بين طريق يأخذ الألم فيه منك مأخذًا، ويُنهي كل خططك اليومية بمجرد حلول شبحه، وبين طريق تعرف فيه طُرقًا عملية للحدِّ من أثره، تُراجعها مع نفسك كلّما ألمَّ بك، تعطيه حجمه لكن لا تهوّل منه، فكّر قليلًا بأثر هذا على شخصيتك عندما يسألك أحدهم عن صحتك، فتُكثر من الشكوى، وتُعدّد له كل ما أصابك منذ بدء الخليقة، لا أحد يحبُّ البقاء قُرب النوّاحين، هل تُريدُ أن تكونَ نوّاحًا لبقية عمرك؟
رجاءً، لا تفهم من هذا أنّك في غنى عن الطبيب، المقال للحالات التي لا يستخدم فيها الطبيب معك الا المسكّنات والمهدّئات. إذا لم تكن تعاني من هذا، خُذ دقيقة وفكّر بالنعم التي تتحلّى بها وتعاملها كشيء مضمون. أنتَ في نِعمة، قدّرها وقدّر وقتَ تحلّيك بها. ربّما تحتاج لوضع المقال في المفضّلة لوقت الحاجة!
قبل أن أبدأ، أودُّ أن أعتذر لعمّنا روبرتسون، أسرفتُ من استخدام كتابك في تدويناتي، هذه ثلاثة، والشرع يُحلّلُ أربعة. أنوي أن أُترجم أفكارَ فصل الغضب أيضًا، ماذا أفعل؟ كتابك عظيم جدًا. أفضلُ ما قرأتُ في حياتي في هذا المجال.
وأَحمَد الآلهة أن جسدي قد صمد حتى الآن في حياةٍ مثل حياتي – ماركوس أوريليوس
ماركوس أوريليوس كان يُعاني من آلام مُزمنة في سن الأربعين، تقترح الدراسات أنّه كان يعاني من تقرّحات في المعدة، لكنّه لم يصل لهذه المرحلة من التصالح مع الألم الجسدي بلا عمل وتدرّب، فقبل عشرين سنة من هذه المُذكّرة، أرسل ماركوس رسالة إلى صديقه فرونتو يشتكي له فيها من أنه يعاني من آلام في الصدر والقصبات الهوائية بسبب القروح.
كُلّما مرّت السنين، كان ماركوس يمرُّ بتحدّيات صعبة، جسمه هزيل، وألم القروح يزداد عليه، يخوض حربًا أولى، ثم تُعلن قبائل بربرية العصيان، فيسيرُ لهم في حرب ثانية، ثم ينقلب عليه كاسياس أحد جنرالاته قُرب الشام فيهمُّ بالسير له، وفي هذه الأجواء المشحونة كان الطاعون الأنطوني يفتك بملايين الرومان، ماركوس صمد حتّى الثامنة والخمسين من عمره، لم يكن معدّل العمر يتعدّى الأربعين في تلك الفترة.
حرّ الحملات العسكرية وبردها على جسمه الهزيل، فقدان الشهية والنُعاس الذي ينتج عن مسكنات القروح التي يتلقّاها كان أكثر ما يعاني منه ماركوس في تلك الفترة حتّى أنّه قال:
وتَذكَّرْ أيضًا أن كثيرًا من الأشياء التي نجدها غيرَ مريحة هي في حقيقة الأمر تُشارك الألم في طبيعته؛ الخمول الزائد مثلًا، والحر الشديد، وفقدان الشهية؛ لذا كلما وَجدتَ نفسك تشكو من أيٍّ من هذه الأشياء قل لنفسك: «إنك تَستسلِم للألم.»
الطنين ليس فيه ألم، لكنّه صوت مزعج (ليس مُزعجا، هذا حُكمي!). لكن ما ينطبق عليه ينطبق على الألم من أنّها أحاسيس جسدية غير مُحببّة. تمامًا كما كان يتعامل ماركوس مع الحر والنعاس.
ماركوس أوريليوس تعلّم عدّة طرق عملية حتّى يتكيّف مع ما يُعانيه، وتعلّم كثيرًا من رجال احترمهم في عصره، كيف لم يستسلم ماركوس للألم؟ وكيف يُمكن أن تستفيد أنت أيضًا من صُموده كما استفاد هو ممّن عرفهم؟ هذا ما ستعرفه في السطور القادمة.
الألم في الرواقية
رغم أننا نميل لأعتبار الألم شيئًا سيئًا، الرواقيون لا يعتبرون الألم شيئًا فارقًا، ليس خيرًا أو شرًا بحد ذاته، كما يفعلون مع المتع السطحية، يستخدمون طُرقًا منطقية لتوضيح هذه النقطة، تخيّل مثلًا أنّك قد كُسر أنفك وأنت تهرب من موت مُحكم، هل ستتعامل مع هذا الكسر بنفس الطريقة لو كان بسبب التزحلق في الحمّام؟ ستقول في الأولى: الحمد لله أنّي نجوت، وسيقول لك عوّادك: دفع الله ما كان أعظم! الألم أيضا يُمكن أن يكون نافعًا لبعض الرياضيين حيث يزيدُ من قوّة تحمّلهم، بل وهناك لفظة «المازوخي» التي تصف الشخص الذي يستمتع بالألم.
فإذا كان هذا حال الألم، هل يعني أنّه سيء بالضرورة؟ إذا اعتبره شخص ما مفيدًا، أو دفعًا لبلاء، او حتّى مُمتعا، ألا يعني هذا أن أحكامنا هي التي أضفت صفة الخير والشر على الألم، وإنّه كحال كل الأشياء الخارجية، خامل لا فارق، لا يملك أن يؤثر على عقلك بشيء ؟
كالعادة، كتاب دونالد روبرتسون يحفل بالاستراتيجيات العملية للتعامل مع الألم، والتي تجمع بين الفلسفة الرواقية والطب النفسي الحديث. وهذا ما سأعرضُ له تفصيلًا وتِباعا في هذا المقال.
#1 الفصل والتباعد – Cognitive Distancing
أَزِل الحكم، تكن قد أزلتَ فكرة «لقد تضرَّرتُ». أَزِل فكرة «لقد تَضرَّرتُ» يكون الضرر نَفسُه قد أُزيل
فكرة رواقية أساسية في الطب النفسي الحديث وأهم سلاح في مواجهة الألم، يجب أن تزيل أحكامك عن الأمور الخارجية التي تتعرّض لها، حتّى لو كان ألمًا تعرّض له اللحم في جسمك، لا تنظر بعدسة الأذى للألم، اعلم بوجوده ولا تحكم عليه، ينبغي أن تترك العقل في معزل عمّا يُصيب باقي أجزاء الجسد، يجب أن يكون هناك خط واضح وفاصل بينهما. حتّى لا يمتزج العقل مع أحاسيس الألم والرغبة، بل يضعها في محلّها بلا زهو ولا تهويل، يقول أوريليوس أن التحلّي بهذا يضمن أن لا يتحوّل عقلك إلى دُمية تُحركها خيوط من الأحاسيس يمينًا ويسارًا.
ينبغي أن يبقى الجزء المُوجِّه والحاكم من نفسك مُحصَّنًا من أي مجرًى يجري في الجسد.
يجادل الرواقيون بنفس الحجة التي ذكرتها في المُقدمة، إذا نجوت من حدث مُميت، وكُسر أنفك عرضيا، هل ستعتبره شيئًا سيئًا؟ كلّا، لأن هدفك كان النجاة، يجب أن تُعامل الألم بنفس الطريقة، الهدف الرواقي هو أن تعيش على وِفاق مع الطبيعة، وأن تعمل الفضائل، لذا وجود الألم لا ينبغي عن يكون عائقًا أمام هذه الفضائل، بل وجود الألم يوفّر لك طريقة اضافية للتحلّي بالفضائل، ستُظهر ما وُهبتَ من الصبر في مواجهة هذا الألم.
وينبغي التأكيد على نقطة إضافية، الإهتمام بالصحة هو الأمر المفروض، لكن وجود الصحة أمر لا فارق مع الرواقي، فالأحمق يملكها، ويستغلّها في الرذائل، والحكيم يتعامل مع كل من الصحة والمرض لأجل إثراء نفسه ومحيطه بالفضائل. كيف يمكن أن يكون الشيء خيرًا وهو يُستخدم في الشر؟
#2 الخوف من الألم يؤذينا أكثر من الألم نفسه
بعد أن عرفت أن المعاناة تنبع من أحكامنا على الأشياء لا الأشياء نفسها، فكّر في الخطوة الثانية، الألم قد يؤذي مساحة محدودة من جسمك، ولن يكون مُضرًا أذا تعلّمت كيف تتعامل معه، لكن الخوف سيؤذي كيانك كلّه، سيجعل الفضائل تبتعد عنك شيئًا فشيئًا. الخوف من منظر الدماء أو الحصول على إبرة ينطبق عليه نفس الأمر، الخوف من الألم يجعلنا جبناء ويضرّنا أكثر من الألم نفسه.
#3 استخدم لغة مُعتدلة
أتذكرُ كم هذيتُ في تدويناتي حول البلاغة المعسولة؟ كيف تضرنا ولا تنفعنا؟ هذا الأمر أكثر أهمية مع الألم، تعلّم أن تصف إحساس الألم بموضوعية. كما يصف الطبيب ألم مريضه، لن تجد طبيبًا يصف ألم مريضه قائلًا: لديه وجع رهيب في رأسه، كقنبلة تنفجر. بل سيقول هناك ألم، أو تقرّحات، أو تهيّج في هذا المكان. لا أكثر. صف بدقة، كما لو كُنتَ تصف ما يعانيه شخصٌ آخر. حمزة لديه صفير خافت في أذنيه.
فليكن دأبُك طوال حياتك؛ حيثما تَبدَّت الأشياء خلَّابة المَظهَر فجرِّدها وتَفرَّسْ في طبيعتها الزائفة واخلع عنها كل دعاوى الزهو والخيلاء. الخيلاء هي أعظم مُفسِدٍ للعقل. ماركوس أوريليوس
#4 حدّد مكان الألم بدقّة
هذه كانت طريقة مُفضّلة لدى ماركوس لمن يُطالع تأملّاته، هو يكرّر أكثر من مرّة أن الألم يجب أن يبقى في المكان الذي ينتمي إليه، إذا كان في الساق، يبقى في الساق، انظر إليه كما لو كنتَ تنظرُ من نافذة. هو في مكان بعيد في جزء محدّد، بعيد عن العقل، فلا تُقحمه في هذه المسألة.
العقل المُوجِّه لا يَكرث نفسه؛ فلا هو يُروِّعها ولا هو يسوقها إلى الرغبة. فليُروِّعها ما شاء أو يؤلمها فإنه بذاته وبحكمه الخاص لن يَعمِد إلى الالتفات إلى مثل هذه الحالات. فليحرص الجسد على تجنُّب الألم ما وسعه ذلك، ولتَقُل النفس الحاسة إني أخاف أو أتألَّم. أمَّا ذلك العقلُ الذي يضع التقييم العام لكل هذه الأشياء فلن يعاني على الإطلاق؛ لن يندفع بنفسه إلى أيٍّ من هذه الأحكام؛ فالعقل المُوجِّه بحد ذاته ليس به حاجةٌ ما لم يخلق الحاجة بنفسه؛ ومن ثَمَّ فهو لا يُضَر ولا يُعاق ما لم يضُرَّ نفسه أو يُعِقْ نفسه.
#5 اربط الألم بالزمن وحدّه به
لا تترك الألم سائبًا كالبعير، شُدّه بعقال. إضافة إلى المكان، ماركوس أوريليوس كان يحدُّ الألم بالزمن أيضًا، عندما تصف الألم ذكّر نفسك دائمًا أنّه ليس مُستمرًا، يشتدُّ عليك في فترة، ثم يخفت في أخرى، ذكّر نفسك أنَّ هذا مُحتمل.
ماركوس كان يُتقن هذه الفكرة جدًا، حتّى أنه نقلها إلى مرحلة ثانية، إذا كان الألم الذي تُعاني منه مزمنًا، هذا يقتضي أنّه يشتدُّ ويخفت، لدرجة تمكّن عقلك من التعوّد عليه، دماغنا يكيّف نفسه مع الظروف، ويقلّل من شدّة المؤثرات إذا تكرّرت لفترة طويلة، همُّ دماغك البقاء، لذا سيقول لنفسه: إذا كان هذا المُؤثّر خطيرًا على بقاءنا، لما عِشنا لهذا الوقت، سيكيّف نفسه ويسمح لك أن تشعر بما هو أهم، على طريقة إذا زاد عن الحد، وضع نهاية لحياتنا. بهذه الطريقة العلمية كان يُفكّر أجدادنا، رغم أنّهم لم يعرفوا علم الأعصاب يومًا. ماركوس فهم هذا وأستعار حكمة من إبيقور:
الألم إن زاد عن الحد وضع نهايةً لحياتنا، أمَّا إذا كان مُزمنًا فمن الممكن احتماله. والعقل بترفُّعه بنفسه يحتفظ بسكينته. العقل المُوجِّه لا يعوقه الألم، وللأجزاء المُتأثِّرة بالألم أن ترى فيه ما تراه
قُلتُ لك أن ماركوس أتقن هذه الفكرة جدًا، فهو بعد كل هذا ينقلها إلى مرحلة أبعد وأعمق، حتّى أنتَ محدود، لستَ مستمرًا. هي أيام تمضي قبل أن تموت. تذكّر هذا وسيكون الألم هونًا يسيرًا.
#6 لا تُقاوم. تقبّل
يُصبح الألم أثقل عندما تُنازعه. وأخفّ عندما تكفُّ عن ذلك وتتقبّل الألم بصدر رحب. هذا أساس في العلاج المعرفي السلوكي الذي يُتبّع حاليًا. ويُحسن الذكر هنا، الرواقية لا تريد منك أن لا تتلفظ بعبارات التأوّه بصوت عالٍ، افعل هذا إن أردتَ، لكن لا تتأوّه في داخلك.
عندما ذكرتُ الخطوات السابقة للتعامل مع الألم، لم يكن المقصد أن تُقاومه، أو تُشتّت نفسك عنه، فالمقاومة تضيف طبقة أخرى من المعاناة، تخيّل ما يحدث عندما يُهاجمك كلب سائب ويريدُ عضّك، هل ستعضّه؟ ستزيد بهذه الخطوة من تناثر لحمك بعد المعركة، لكن واجهه بهدوء، اجلس أمامه كانّك تُحدّثه، أما أن تُشتّت إنتباهك عن الألم فهذا وإن نفع على المدى القصير، لكنّه سيجلب نتائج عكسية مع تزامن الألم على المدى الطويل. الحل يكون بالتقبّل، بتقبّلك الألم أنت تسمح لأمرين إضافيين أن يحدثا:
الأول نفسي، تقبّل أن هناك ألم موجود في مكان ما في جسمك، وأنّه محدود ومُتقبَّل، سيعطيك مساحة للتركيز على أشياء أخرى في حياتك، أشياء ستخفف من تركيز الألم، كما يُخفّف الساقي الخمرَ المُشعشعة بالماء.
والثاني يخصُّ الألم نفسه، إذا كُنتَ تُعاني من ألم الظهر، فمقاومة الألم والتركيز عليه يزيدُ من توتّرك، قد يجعل عضلات ظهرك نفسها مشدودة، ممّا سيزيد من شدّة ما تعاني منه، تقبّل الألم واستسلم له طوعًا، ستُرخي عضلاتك، وتسمح للتكيّف أن يُلقي بسحره على وجعك.
ما أَشبَه الإنسانَ المُتبرِّم بكل شيءٍ والساخطَ على كل شيءٍ بخنزير الأضحية يَرفُس ويَصرُخ. كهذا الخنزير أيضًا ذلك الإنسان الذي يَندُب.
وحده الإنسانُ العاقلُ من أُلهم أن يختار الاستسلام طوعًا لما يحدث. على أن الاستسلام المَحضَ ضرورةٌ مفروضةٌ علينا جميعًا.
#7 وُهبِتَ ما يجعلك تصمد
أبكتيتوس كان يحثُّ تلاميذه على أن يواجهوا الأحداث متحلّين بعادة عقلية مهمة، أن يسالوا أنفسهم دائمًا عن الأمور الفاضلة التي يملكونها للاستفادة من الحدث؟ الصبر والتجلّد. كذلك الحال مع الأطباء النفسيين حديثًا حيث يقولون لمرضاهم: ما هي الخصائص التي تملكها لتتأقلم مع هذا الألم؟
طريقة أخرى، وهي مُفضلة عندي، أن تتذكّر شخصية ما واجهت نفس النوع أو نفس الشدّة من الألم، وواجهته بصبر وفضيلة، نحن نحبُّ من يواجهون الألم بفضيلة، وصدّقني ذلك الذي ينحب من أقل درجات الألم مكروه إلّا من أهله، وأيُّ أرعنٍ لا تبكي عليه قرائبه كما يقول بشار بن بُرد؟
بالنسبة لي، أتذكّر رافائيل نادال. هذا الرجل لم تمر عليه سنة إلّا وأُصيب فيها، لكنّه بعد كل إصابة -وملل الاستشفاء والعودة للمستوى في التنس ليس كالحياة العادية- يعودُ من بعيد، بل ويكون مصنفًا أولًا على العالم. رافائيل نادال يملكُ خصائص رواقية وإن لم يطلّع عليها، فهو يتعامل مع آلام مُزمنة منذ الخامسة عشر من عمره، كمشجع يُتابع تصريحاته دومًا، قال قبل سنتين عندما عاد من إصابة جديدة:
الألم؟ إنه دائما عندي، لا أنشدُ اللعبَ بلا ألم، لقد لعبت التنس منذ الصغر، كان يراودني دائما، ما أهدف إليه هو اللعب بلا عوائق -رافائيل نادال
لنُلخّص. هناك عدّة طرق للتعامل مع الألم، تنبع من تذكّر إنَّ الله لا يُكلّف نفسًا إلّا وسعها، تدرّب على هذه الأفكار مرارًا إذا كُنت تتبرم من آلامك المزمنة، لا تضف أحكامًا من عندك على الألم، هو ألم ولا شيء آخر، صفه بلغة معتدلة، حدّد مكانه وزمانه، لا تخف من حلوله وتقبّل وجوده بصدر رحب، وتذكّر أنّك تملك خصائص فاضلة كثيرة تمكنّك من مواجهته. وتذكّر أخيرًا:
أيّهم يُعامل الألم بفضيلة: ماركوس أوريليوس ورافائيل نادال، أم قريبك المُتمارض الذي عندما يراك يقول: أنا حتّى لا أستطيع شرب الماء بدون مساعدة؟
اقرأ أيضًا بخصوص الفلسفة الرواقية:
في الرغبة والإدمان – رواقية العادات السيئة
رواقية الانفعال والغضب – حكمة ماركوس أوريليوس في الحرب الاهلية