لعلّه أكثر ما كتبت فائدةً حتّى الآن، بلا مقدّمات، أريدُ منكَ شيئين، أن تكون راغبًا -رغبةً جدّية- في التغيّر، وأن تطيلَ نفسك معي في هذا المقال، أن تخصّص له ربع ساعة، بلا إتصال أنترنت، بلا مشتّتات، فقط أخلص في القراءة وخذ المقال كقطعة واحدة، هذا ما عليك فقط، بالنسبة لي أعدك أن ما ستراه هنا لن يكون شيئًا مُكررًا من هُراء التنمية البشرية، بل هي خطوات عملية للتغيّر، إن لم يكن هذا همّك، لا عليك، أهمل المقال، وأكمل تصفّحك لبقية المنشورات. نلتقي على الضفة الأخرى!
فرّق الرواقيون بين أنواع المُتع، فهناك نوع من المُتع السطحية التي نحصل عليها من الأشياء الخارجية، كالطعام اللذيذ والمجاملات والجنس، ونوع أخر من المُتع الداخلية، وتلك تأتي من مُلاحقة الشخص لأهدافه وتحقيقها، فيأتي شعور من الرضا يجعل تلك المُتع السطحية تافهة ورخيصة، ما يدعم هذا النوع من المُتع أنّها ثابتة ومستمرّة، لا تخبو بسرعة لأنّها تتحلى بصفتين أساسيتين، الأولى: أنّها لم تكن الهدف بحد ذاتها، فالشخص لا ينشُد المتعة عندما يُلاحق هذه الأمور، أنما يرومُ تحقيق الذي يهدف اليه، فياتي الرضا الناجم عن تحقيق هذا كناتج عرضي، والثانية: أنّها تؤتى ولا تأتي، هي أشياء نفعلها بأنفسنا لنُلاحق الفضائل، لا تحدث لنا من الخارج. وتخيّل الفارق بين شيء يحدث لك، وشيء تُحدثه أنت لنفسك!
الخير أو الشر بالنسبة للكائن الاجتماعي العاقل لا يكمن في الانفعال بل في الفعل، مثلما أن فضيلته أو رذيلته ليست فيما يُحسُّه بل فيما يفعله. – ماركوس أوريليوس.
كل شيء يبدأ من العادات، فهي التي تُحدد ما يمكن أن تصل إليه، عمل أي شيء ذو قيمة بلا مُداومة فعلية تشتّيت للوقت والمجهود، بل قد ينضوي تحت خانة المتع الأولى، فما تحصل عليه قشور سطحية، وما يبقى من متعتها شيء. العادات الحسنة اذن هي ما تقود الى النوع الثاني من الرضا، النوع الأبقى. لكن ماذا يحصل لو كانت العادات سيّئة؟ إيهٍ، ظلمتَ نفسك أيمّا ظلم، ستبقى تخبط العشواء لأجل النوع المذموم من المتع الوقتية، ولن تحصل على تلك القشور حتّى.
من هذه الأفكار أبدأ مقالي، كيف تلاحق المتع الثابتة الباقية؟ والأهم، أن تعصي الهوى، كيف تتخلّص من عادات سيّئة ما تُقدّم لكَ غيرَ فُتات.
كيف تقيس ما هو جيّد حقًا وما هو سيّء؟
الأمر بسيط، يجب أن تُقيّم عاداتك ومدى إنسجامها مع أهدافك على المدى الطويل، لا يجب ان تكون بلا أهداف، حدّد أي هدف تُريد أن تكونه بعد -لنقول مثلا- 5 سنوات، التحجّج بحجة مثل: «وما يضمن لي عمري؟ أعيش اليوم بيومه» سُخف وقُصر نظر، بلا أهداف لن تعمل صالحًا، حدّد أي شيء ورُمه، قد يتغيّر الهدف مستقبلًا، لكن على الأقل عندك شيء تسعى اليه.
فاذا كانت تلك العادات لا تنسجم مع ما تريده نفسك في تلك الفترة الزمنية، فكّر مليًا في تركها، لن تكونَ آخر كلماتك في الحياة « ليتني لعبت Pubg أكثر!» أو « ليتني تابعت ستوريات أكثر على الأنستا»
كيف تتخلص من العادات السيئة
سأدمج في هذه الفقرة أفكارًا من كتابين، الأوّل لدونالد روبرتسون كاتب How To Think Like A Roman Emperor والثاني لجيمس كلير Atomic Habits، قد نستعين بغاري ويلسون على الطريق، سندمجُ هنا أفكار طبيب نفسي ومهتم بالرواقية، وشخص أفنى حياته في تعديل العادات، ونسعّر نار الحرب، اقرأ بتمعّن، أطل نفسَك، فلن تقرأ محتوى مُركزًا مثل هذا كل يوم.
1-زِن عواقب عاداتك
الخطوة الأولى أن تُقارن بين منافع العادة ومساوئها، تعالَ فكّر مثلًا، ماذا سيحصل لو قضيت ساعتين على الأنستغرام يوميًا، كيف سيؤثر عليك هذا بعد عدّة سنوات؟ هل ما تحققه من فائدة يعادل ما يفوتك لو استعملتَ هذا الوقت على أمر آخر، أمر ينسجم مع القيم والأهداف التي تسعى لها في حياتك؟ ماذا لو حفظتَ ثلاث آيات من القرآن الكريم، أو حفظت مقطوعة شعرية من الشعر القديم، أو قرأت فصلا من كتاب مفيد، أو حتّى أتقنتَ ما تدرسه بشكل أفضل، هل سيكون الأثر نفسه؟ بالطبع لا. هذا التحليل يُسمى بـ Functional Analysis، وهو الخطوة الأولى لكسب الدافع الذي يمكنّك من كسر العادات السيئة واستبدالها بأخرى، أكثر إنسجامًا مع ما تُريده من نفسك.
مشكلة مشتتات الأنترنت الجديدة، هي أنّها حديثة نسبية، وتأثير الإدمان عليها لا يبدو واضحًا، ستعرف التأثير بعد سنوات عديدة، بعد أن أضعت أهم سنوات حياتك في تصفّحها ولم تُخصص للأعمال المفيدة حقًا حقها. كم هو سيء شعور الندم حينها؟
ماركوس أوريليوس أيضًا كان يُطبّق هذا التحليل حين قال:
في كل فعلٍ تهم به اسأل نفسك: «هل يلائمني ذلك؟ هل سأندم عليه؟ لسوف أموت بعد بُرهةٍ وينقضي كل شيء. ماذا أطلب أكثر إذا كان هذا العمل الذي أُؤدِّيه هو عمل كائنٍ عاقلٍ واجتماعي، يشارك اللهَ قانونًا واحدًا؟.
2-كن واعيًا عندما تريد أن تبدأ
لا تفعل العادات التي تريد أن تتخلّص منها على الوضع الآلي، فكّر في الفكرة الذي تُحرّضك على بدءها، إذا كانت العادة مُترسّخة فهناك عدّة أفكار من شأنها أن تحثّك على البداية، وفوق هذا جهاز المكافئة الذي يستخدم الدوبامين في دماغك قد تعوّد على ربط هذه الذكريات مع العادة، لا بأس، أنت تملك قوّة إرادة، بل وتملك شيئًا رواقيًا إضافيًا ستتعلمه في السطور القادمة.
اعزل الأفكار والإنطباعات التي تحثّك على البداية، هذا يتطلّب أن تكون واعيًا قليلا، التفكير في هذه الأفكار فقط من شأنه أن يُبين لك سخافة هذا المُحرّض وتفاهته، وثم عرقل هذه الأفكار، لا تجعل كل شيء يسير بسرعة.
لعقلك عادات وطقوس سريعة حتى يقودك للشيء الذي يُريد، خصوصًا لو كان شيئًا مربوطًا بمراكز المُتعة والمكافئة في الدماغ، خُذ إدمان المرئيّات الجنسية مثلا، الدماغ لديه طُرق سريعة مُبلّطة مُشجّرة الأرصفة لاجل الوصول الى المتعة السريعة، والمطلوب منك أن تفكر في كل خطوة تسير بها أنت على ذلك الطريق، أتقوى هذه الفكرة على أن تتحكّم بي؟ وتلك؟ وتلك؟ ستجدها أفكار سخيفة، أفكار لو أطّلع عليها غيرَك لسفّهك، ولولّى منكَ فِرارًا.
إذن الفكرة هنا أن تعزل الأفكار التي تُسهّل عملية الإنخراط في العادات السيئة، ملاحظتها باكرًا، ومن ثمَّ عرقلة الطريق السريع الذي بناه مركز المكافئة الدماغي.
المشكلة لا تتوقف على أنَّ العادة سيّئة على المدى الطويل فحسب، المشكلة أنَّ منظومة المكافئة تفرز كميّات كبيرة من الدوبامين على تلك المُتَع، والجسم يميل للعودة للإتزّان، فيجعل هذه الحالة الجديدة شيئًا عاديًا يخصّص له كمية عادية من الدوبامين، لانه لا يريد أن يستهلك كميات كبيرة من الدوبامين هكذا بسرعة، صناعة الدوبامين ليست سهلة، تحتاج موادًا أوليّة من التايروسين وطاقة، هي عملة ثمينة. ماذا ستفعل أنت مع هذه الحالة الجديدة ذات الدوبامين العادي؟ ستُصعّد، ستزيد من حدّة الفعل حتى تحصل على دوبامين أكثر، وهكذا دواليك.
ماذا ملخص هذه الحالة إذن؟ دماغ مُشتت يلهث وراء المُتع المتطرّفة، لأنه يعتبر المتع الأقل شيئًا مملًا، هل تتوقع من دماغ كهذا أن يبقى مُركزًا على الأشياء المُملة أصلا من العمل والدراسة لفترات طويلة بلا تشتت؟ هل سيعمل بشكل عميق لمدّة 50 دقيقة مُملّة على أهداف لا يحصل على مُتعتها مُباشرة؟ أخرج زفرة طويلة بعد هذه الجملة يا صاحِ، ما أقبحَ أن تقضي ذروة شبابك بهذه الصورة؟
3-افصل المشاعر عن الأحداث – Cognitive Distancing
(١١-٢) ستَرخُص عندك قيمة الأغنية أو الرقصة المسلِّية، أو مباراة المصارعة، إذا ما فككت الخطَ اللحني للأغنية إلى نغماتٍ مفردةٍ وسألت نفسك في كل واحدة: «هل هذا شيءٌ يتملكني؟» ولسوف تتراجع عن الاعتراف بذلك. كذلك الأمر إذا أخذتَ الرقصة بتحليلٍ مماثلٍ لكل حركةٍ وكل رقصة، وكذلك الأمر في المصارعة. تَذكَّر إذن، باستثناء الفضيلة والأفعال الفاضلة، أن تتجه مباشرةً إلى الأجزاء المُكوِّنة لأي شيء، وفي تَشريحِك له ستتخلص من سحره. وعليك أن تُطبِّق المنهج نفسه على الحياة كلِّها. -ماركوس أوريليوس
بعد أن لاحظتَ ما يدفعك لبداية العادة، ضع في غمدك هذا السيف العظيم، سيف الفصل والتباعد، فكّك كل حدث لمكوناته، هل هذا يتملّكك حقًا؟ هل نزعة تصفّح الأنستغرام مُلحّة؟ أم أنها نَزعة فقط تراود عقلك كما تراوده مئات الأفكار؟ ماذا سيحصل لو لم تُسق اليها؟ لا شيء.
ما يساعدك أيضًا في هذه الخطوة أن تحكم على نفسك من منظور شخص آخر، أن تختارَ شخصًا يُساعدك في تحليل هذه الأفكار ليُضعف من قوتها وتحكّمها فيك، ليس بالضرورة أن يكون حقيقيًا، تخيّل ماركوس أوريليوس نفسه يجلس بقربك ويراقب هذه الأفكار، كيف سيتصرّف؟ ليس شرطًا أن يكونَ أمبراطورًا، تمثّل أيَّ شخص تعرفه، شخص يتحلّى بالحكمة.
الفكرة أن تملك عادات ثابتة لتُضعف من تحكّم أي نَزعة فيك، هذا يُساعدك على تفتيت المشاعر المُصاحبة لهذا الفعل، سترى أن عقلك يُضخّم من هذه الأمور، إذا كُنتَ مدخنًا فهل شعور الكاربون والنيكوتين في فمك يستحق أن تكونَ عبدًا لهذه العادة؟ إذا كنتَ متصفّحا مدمنًا لشبكات التواصل، هل ذلك الأشعار يستحق أن تُضيّع لأجله ساعات ثمينة من شبابك؟
ما أطيَبَ، عندما يكون أمامك لحمٌ مَشْوي أو ما شابه من الأطايب، أن تستحضر في ذهنك أن هذا جثة سمكة، وهذا جثة طائرٍ أو خنزير، ثم أن هذا النبيذ الفاليرني مجرَّد عصيرِ عنب، وأن رداءك الأُرجواني ليس أكثر من فِراءِ خروفٍ منقوعٍ في دمِ المحار! وفي الجماع أنه ليس أكثر من احتكاك غشاءٍ ودَفقة مُخاط. ما أنجَحَ هذه الإدراكات في الوصول إلى قلب الشيء الحقيقي والنفاذ فيه ورؤيته كما هو. كذلك فليكن دأبُك طوال حياتك؛ حيثما تَبدَّت الأشياء خلَّابة المَظهَر فجرِّدها وتَفرَّسْ في طبيعتها الزائفة واخلع عنها كل دعاوى الزهو والخيلاء. -ماركوس أوريليوس
أو كما يقول تلميذه الحكيم:
دراسة الأناتومي نعمة، خصوصًا لمن يملكُ أساسًا رواقيًا، حين ترى فتاةً جميلة، فبدلًا من أن تاخذ بعقلك، سيأخذها عقلك، ذلك الخد الأسيل ليس إلّا التقاءً مُحكمًا بين العظم الوجني والفك العلوي مغلفا بطبقة من العضلات والدهون، أما الشريان الوجهي فقد أحسن العمل بتغذيته لتلك الشفة القانية.
— Hamza Salim (@7amnad) May 4, 2020
هامش: ضعّف أثر أحكامك على الأحداث بإستعمال لغة موضوعية معتدلة، لا تكن كمجنون ليلى الذي أخنَت عليه البلاغة كما أخنت على لُبَدِ! إقرأ مقالتي في هذا الشأن: الرواقية ومجنون ليلى- كيف يساهم الشعر في شقاءنا؟
4-افعل شيئا جديدًا.
بعد أن عرفتَ العيوب على المدى الطويل، وركّزتَ على النُوازع الأولى التي تدفعك نحو الحصول عليها، ومن ثمَّ طبقت التباعد وفصلت المشاعر عنها ونظرتَ لها من منظور شخص أخر، يبقى أن تُذكّر نفسك بعد هذه المعركة القصيرة أن هذا الشعور يأتي لوهلة فقط، لن يكون مستمرًّا طوال اليوم، سيأتي الآن، قد يعود في وقت لاحق من اليوم، لكنّك تتعامل مع هذه اللحظة فقط، إنتصر في هذه المعركة فقط، لا تخض معارك لم تأتِ بعد.
عدم عمل أي شيء في هذه المرحلة سيكون كافيًا، تذكّر أن ما تسعى اليه الرواقية أن تكون فاضلًا، والسعادة التي تُريدها منك ليست الهدف، إنما هي ناتج الإستمرار على الحياة الفاضلة، فإقلاعك عن شيء سيّء لك على المدى الطويل فضيلة. لكن تستطيع أن تُكمل الفضيلة بأخرى، وأن تفعل شيئًا ينسجم مع أهدافك، شيء مهم لك على المدى الطويل، هذا هو الهدف، وستحصل على الناتج العرضي أيضًا: مُتعة نابعة من شعور عميق، والأهم: مُستمرّة.
أنوّه هنا، لا بأس ببعض المُتع المُباحة بين الحين والآخر، لا تكن متطرّفًا فسرعان ما ستشعر بالملل وتتخلّى عن هذه القيم، الرواقية تحثُّ أيضًا على الإعتدال، لا بأس بربع ساعة على الإنستغرام بعد يوم أكملتَ فيه أهدافك، لا بأس أن تلعب Pubg مع الأصدقاء بعد أسبوع من التماشي مع أهدافك. هدفنا أن لا نضع أهميّة لهذه الأشياء بتوفيرها متعة وقتية، لا نريد أن نلغيها من الوجود.
لازلتَ تقرأ؟ مُمتنٌّ جدًا، قلّة من سيواصلون قراءة المقال حتّى النهاية. أؤمن حقًا أنّك ترغب في التغيير، رغبتك هذه أهم من المقال أصلًا.
لنُكمل، الآن عرفنا الطريقة التي ننتصر فيها على الأعداء، طيّب، ما رأيك أن نتجنّب مواجهة معظم هذه المعارك؟ لماذا تستخدم قوّة الإرادة إذا كان بإمكانك عدم إستخدامها من الأساس؟ هذا ما سيفيدنا به جزء جيمس كلير وكتاب العادات الذرّية.
تجنّب المعارك
الخطوة الأولى: اجعلها خفية
قلل تعرضك للمحفّزات التي تفعّل مراكز المكافئة بسرعة، دماغنا تعوّد على ربط أحداث معيّنة وأماكن معيّنة بتلك العادات، عندما ترى ان هناك صحنًا من الحلويات أمامك لن يكون أمر مقاومته سهلًا، لذا، خبئه في الجرار، أو في مكان خفي في الثلاجة، غيّر في البيئة المحيطة لدرجة تجعل دماغك ينسى الطرق القديمة لإثارته، لو كُنت تلعب لعبة الكترونية على كنبة معينة، ليس من الحكمة أن تدرس على نفس الكنبة، إذا أردتَ إستخدامها غيّر مكانها في ديكور المنزل، وهكذا.
عكس هذه الخطوة: اجعلها واضحة، وهذا يُفيد ببناء العادات الجيّدة، ضع صحنًا كبيرا من الفاكهة في مكان مرئي، ستسهلك كميّات أكبر بدون أن تدري، كذلك الحال إذا أردتَ أن تقرأ، ضع الكتاب في مكان واضح، ضعه على وسادتك، ستقرأ أكثر. إذا أردتَ أن تعوّد نفسك على الركض، ضع حذاء الركض في مكان واضح، سهّل الوصول الى ملابس الركض، ستركض أكثر.
الخطوة الثانية: اجعلها قبيحة
لهذه الخطوة ربط مع أول نقطة ذكرناها بالمقال، تخيّل ما ستكونه بعد 5 سنوات يكفي لجعل هذه العادة قبيحة في نظرك، لكن ما يهمني من هذه النقطة هو معاكسها لبناء العادات الجيدة: اجعلها جذابة. اجعل نشاط الذي تُريده جذابًا بمكافئة نفسك على فعله، وربط أشياء تُحبّها مع هذا العمل، إذا أردت أن تمارس الرياضة، شغّل فيديو تستمع به في الخلفية، أو استمع للموسيقى.
من طرق جعل عادتك جذّابة، أن تنضم لجماعة من الناس يكون عندهم هذا الفعل طبيعيًا، مجموعات الفيسبوك ومنتديات Reddit خيار رائع لهذا الغرض، هناك مجموعات للركض، حفظ الشعر، القراءة. كل شيء!
الخطوة الثالثة: اجعلها صعبة، زد من تعب الحصول عليها
هذه خطوة رائعة، دماغنا يحب المُتع السهلة، إذا كان فيها نوع صعوبة، لن يلهث وراءها بنفس الدرجة، عندي مثلا حساب على الإنستغرام، أمسحُ تطبيقه دائمًا، عندما أريد أن انشر شيئًا، سأحمّل التطبيق من جديد، عليّ أن انتظر ربع ساعة أو أكثر حتى يكتمل التحميل، لهذا سأنشرُ الأشياء المهمة فقط، وجود التطبيق على جهازك محفّز لنشر كل شيء، حتى لو كان سخيفًا، في أغلب الأحيان عندما أفكر بشيء كهذا، ألغي التحميل عند منتصفه: انسَ، لا يستحق هذا العناء.
نفس الموضوع مع الفيسبوك، لا أملكُ التطبيق، واستخدم المتصفح لأجله فقط، أُسجّل الخروج بعد الاستخدام مباشرة، أجبر نفسي على كتابة الإيميل والباسورد كل مرّة أريدُ أن أفتح فيها الحساب، في أحيان كثيرة أفتح الموقع فقط بداعي الملل، أو بسبب الحاجة لجرعة تشتّت ليس إلّا.
أيضًا، أحسِن إتخاذ القرارات، بعض القرارات يمكن أن تؤثر على اليوم بأكمله، مثلا عندما قرّرت أن تنشر شيئًا تنتقد فيه أفكار هذا وتصرّفات ذاك، لا تنشره في الصباح، ستحتّم على نفسك تضييع وقت كثير، تعلّم منّي، انتقدهم في الليل، أو عندما تنتظر اكتمال العشاء.
عكس هذه النقطة: اجعلها سهلة، قلّل الخطوات بينك وبين العادة الإيجابية، احتفظ بكل شيء أمام الأنظار، وأعدَّ بيئتك لهذه الطريقة، أحسن إتخاذ القرارات التي تؤثر على المدى الطويل.
الخطوة الرابعة: اجعلها مُكلّفة
ذكرتُ هذه النقطة لإكمال الموضوع فقط، ليست عملية بالضرورة، فهي تحثّك على دفع ثمن لصديق إذا فشلت في الإلتزام، المشكلة في هذه النقطة إن المبلغ لو كان قليلًا فلن تُمانع من كسرها، خسرت الكثير من النقود لأختي بهذه الطريقة ولم أُبالي. وإذا كان كثيرًا، فسيكون سعيك بالإلتزام نابعًا للحفاظ عليه، ستضع نفسك تحت ضغط بدلًا من الاستمتاع. عمومًا جرّبها إن أفادت، أمّا أنا فلن أخسر دينارًا آخرًا مرّة أخرى!
خاتمة
إذا فشلتَ يومًا في تطبيق هذه النصائح، لا تقنط، تذكّر قول ماركوس أوريليوس: «يشبه فن الحياة المصارعة أكثر مما يشبه الرقص»
المصارعة لا تأبه بالسَقَطات، ستقع مرّة ومرّات، ستواجه أشياء صعبة وغير متوّقعة. أمّا الرقص، فمفأجأة واحدة، سقطة واحدة كفيلة بانهاء كل شيء. وليس ذا دأب الحياة.
اقرا أيضًا بخصوص الفلسفة الرواقية:
رواقية الانفعال والغضب – حكمة ماركوس أوريليوس في الحرب الاهلية
الألم – دليل رواقي للسيطرة على الأوجاع.
للاستزادة
How To Think Like A Roman Emperor -How to Conquer Desire by Donald Robertson
Your Brain On Porn by Gary Wilson
صوم الدوبامين – اجعل الممل ممتعاً – علي محمد علي